فصل: الصَّلَاةُ بِالْإِمَامَةِ بِالرَّجُلِ الْوَاحِدِ أَوْ الِاثْنَيْنِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)



.صَلَاةُ الْجَالِسِ:

قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ صَلَاةِ الْجَالِسِ إذَا تَشَهَّدَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَأَرَادَ أَنْ يَقُومَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ أَيُكَبِّرُ يَنْوِي تَكْبِيرَةَ الْقِيَامِ أَمْ يَقْرَأُ وَلَا يُكَبِّرُ؟
قَالَ: بَلْ يُكَبِّرُ يَنْوِي بِذَلِكَ الْقِيَامَ قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِالِاحْتِبَاءِ فِي النَّوَافِلِ لِلَّذِي يُصَلِّي جَالِسًا بِعَقِبِ تَرَبُّعِهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ، قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُصَلِّي قَاعِدًا.
قَالَ: جُلُوسُهُ فِي مَوْضِعِ الْجُلُوسِ بِمَنْزِلَةِ جُلُوسِ الْقَائِمِ يُفْضِي بِأَلْيَتَيْهِ إلَى الْأَرْضِ وَيَنْصِبُ رَجْلَهُ الْيُمْنَى وَيَثْنِي رَجْلَهُ الْيُسْرَى.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ صَلَّى قَاعِدًا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ أَيُعِيدُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَإِنْ ذَهَبَ الْوَقْتُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ نَافِلَةً جَالِسًا وَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ قَائِمًا لَمْ أَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا.
قُلْتُ: فَإِنْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَائِمًا وَأَرَادَ أَنْ يَجْلِسَ؟
قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ: وَلَا أَرَى أَنَا بِهِ أَيْضًا بَأْسًا.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّي النَّافِلَةَ مُحْتَبِيًا وَأَنْ يُصَلِّيَ النَّافِلَةَ عَلَى دَابَّتِهِ فِي السَّفَرِ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ، وَحَدَّثَنِي عَنْ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يُصَلِّي قَاعِدًا مُحْتَبِيًا فَإِذَا بَقِيَ عَلَيْهِ عَشْرُ آيَاتٍ قَامَ قَائِمًا فَقَرَأَ أَوْ رَكَعَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَدْ كَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ يُصَلُّونَ فِي النَّافِلَةَ مُحْتَبِينَ، ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ لِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: لَا بَأْس بِذَلِكَ.

.الصَّلَاةُ عَلَى الْمَحْمَلِ:

قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا وَعَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ غَيْرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَحْدَهَا يَقُولَانِ فِي صَلَاةِ الْجَالِسِ فِي الْمَحْمَلِ: قِيَامُهُ تَرَبُّعٌ فَإِذَا رَكَعَ رَكَعَ مُتَرَبِّعًا فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِهِ قَالَ لِي مَالِكٌ: يَرْفَعُ يَدَيْهِ عَنْ رُكْبَتَيْهِ.
قَالَ: وَلَا أَحْفَظُ هَذَا الْحَرْفَ رَفَعَ يَدَيْهِ عَنْ رُكْبَتَيْهِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْلِهِمَا جَمِيعًا، قَالَا: فَإِذَا أَهْوَى إلَى الْإِيمَاءِ لِلسُّجُودِ ثَنَى رِجْلَيْهِ وَسَجَدَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَثْنِيَ رِجْلَيْهِ عِنْدَ الْإِيمَاءِ لِلسُّجُودِ فَيُومِئَ مُتَرَبِّعًا.
قَالَ مَالِكٌ: وَالْمَحْمَلُ أَشَدُّهُ عِنْدِي يَشْتَدُّ عَلَيْهِ أَنْ يَثْنِيَ رِجْلَيْهِ مِنْ تَرَبُّعِهِ عِنْدَ سُجُودِهِ فَلَا أَرَى بَأْسًا إذَا شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَنْ يُومِئَ لِسُجُودِهِ مُتَرَبِّعًا.
قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْمَرِيضِ الشَّدِيدِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الْجُلُوسَ أَيُصَلِّي فِي مَحْمَلِهِ الْمَكْتُوبَةَ؟
قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي وَيُصَلِّي عَلَى الْأَرْضِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ السِّبَاعَ وَاللُّصُوصَ وَغَيْرَهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ إيمَاءً حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ دَابَّتُهُ، وَكَانَ أَحَبَّ إلَيْهِ إنْ أَمِنَ فِي الْوَقْتِ أَنْ يُعِيدَ وَلَمْ يَكُنْ يَرَاهُ مِثْلَ الْعَدُوِّ.
قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: لَا يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ التَّطَوُّعَ إلَّا مَنْ هُوَ مُسَافِرٌ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ قَصْرُ الصَّلَاةِ فَأَمَّا مَنْ خَرَجَ فَرْسَخًا أَوْ فَرْسَخَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ تَطَوُّعًا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ فِي الْحَضَرِ وَإِنْ كَانَ وَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ.
قَالَ: وَلَا يُصَلِّي مُضْطَجِعًا إلَّا مَرِيضٌ.
قَالَ: وَلَا يَتَنَفَّلُ عَلَى دَابَّتِهِ إلَّا فِي السَّفَرِ الَّذِي تُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: يَتَنَفَّلُ الرَّجُلُ فِي السَّفَرِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا عَلَى دَابَّتِهِ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ عَلَى الْأَرْضِ يَتَنَفَّلُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فِي السَّفَرِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: يُصَلِّي الْمُسَافِرُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَيُوتِرُ أَيْضًا عَلَيْهَا فِي السَّفَرِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُصَلِّي أَحَدٌ فِي غَيْرِ سَفَرٍ تُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ عَلَى دَابَّتِهِ لِلْقِبْلَةِ وَلَا يَسْجُدُ عَلَيْهَا سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ لِلْقِبْلَةِ وَلَا لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ قَرَأَ سَجْدَةً وَهُوَ عَلَى دَابَّتِهِ مُسَافِرٌ.
قَالَ: يُومِئُ إيمَاءً، وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عُمَرَ شَيْخٍ مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُصَلِّي عَلَى طَنْفَسَةٍ مُتَرَبِّعًا مُتَطَوِّعًا وَبَيْنَ يَدَيْهِ خُمْرَةٌ يَسْجُدُ عَلَيْهَا.
وَحَدَّثَ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: صَلَاةُ الْجَالِسِ مُتَرَبِّعًا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ ثَنَى رِجْلَيْهِ، وَأَخْبَرَنِي عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى وَالْمَازِنِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ مُتَوَجِّهًا إلَى خَيْبَرَ وَهُوَ يَسِيرُ».
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي السُّبْحَةَ بِاللَّيْلِ فِي السَّفَرِ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ».

.الْإِمَامُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ قَاعِدًا:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَؤُمَّ فِي النَّافِلَةِ قَاعِدًا.
قَالَ: وَمَنْ نَزَلَ بِهِ شَيْءٌ وَهُوَ إمَامُ قَوْمٍ حَتَّى صَارَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ إلَّا قَاعِدًا، فَلْيَسْتَخْلِفْ غَيْرَهُ يُصَلِّي بِالْقَوْمِ، وَيَرْجِعُ هُوَ إلَى الصَّفِّ فَيُصَلِّي بِصَلَاةِ الْإِمَامِ مَعَ الْقَوْمِ.
قَالَ: وَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ يُصَلِّيَ جَالِسًا وَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ نَاسٌ؟
قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، وَحَدَّثَنِي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَؤُمُّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ جَالِسًا».

.فِي الْإِمَامِ يُصَلِّي بِالنَّاسِ عَلَى أَرْفَعَ مِمَّا عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ إمَامًا صَلَّى بِقَوْمٍ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ خَلْفَهُ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ.
وَقَالَ: وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ أَرْفَعُ مِمَّا يُصَلِّي عَلَيْهِ وَمَنْ خَلْفَهُ مِثْلُ الدُّكَّانِ الَّذِي يَكُونُ فِي الْمِحْرَابِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَشْيَاءِ.
قُلْتُ: فَإِنْ فَعَلَ؟
قَالَ: عَلَيْهِمْ الْإِعَادَةُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ يَعْبَثُونَ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى دُكَّانٍ يَسِيرِ الِارْتِفَاعِ مِثْلُ مَا كَانَ عِنْدَنَا بِمِصْرَ فَأَرَى صَلَاتَهُمْ تَامَّةً.
وَأَخْبَرَنِي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ مَكَانُ الْإِمَامِ أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِ أَصْحَابِهِ.

.الصَّلَاةُ أَمَامَ الْقِبْلَةِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ صَلَّى فِي دُورٍ أَمَامَ الْقِبْلَةِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَهُمْ يَسْمَعُونَ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ فَيُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ وَيَرْكَعُونَ بِرُكُوعِهِ وَيَسْجُدُونَ بِسُجُودِهِ، فَصَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ وَإِنْ كَانُوا بَيْنَ يَدَيْ الْإِمَامِ.
قَالَ: وَلَا أُحِبُّ لَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: وَقَدْ بَلَغَنِي أَنْ دَارًا لِآلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهِيَ أَمَامُ الْقِبْلَةِ كَانُوا يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فِيهَا فِيمَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَمَا أُحِبَّ أَنْ يَفْعَلَهُ أَحَدٌ وَمَنْ فَعَلَهُ أَجْزَأَهُ.

.فِي الصَّلَاةِ فَوْقَ ظَهْرِ الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ فِي دَاخِلِ الْمَسْجِدِ.
قَالَ: وَكَانَ آخَرُ مَا فَارَقْنَا مَالِكًا أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ خَلْفَ الْإِمَامِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ.
قَالَ: وَلَا يُعْجِبُنِي هَذَا مِنْ قَوْلِهِ، وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ بِهِ آخُذُ.
قُلْتُ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي صَلَاةِ الرَّجُلِ عَلَى قُعَيْقِعَان وَعَلَى أَبِي قُبَيْسٍ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ شَيْئًا وَلَا يُعْجِبُنِي.
قَالَ: وَقَالَ الْإِمَامُ يُصَلِّيَ فِي السَّفِينَةِ يُصَلِّيَ عَلَى السَّقْفِ وَالْقَوْمُ تَحْتَهُ.
قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي.
قَالَ: وَإِنْ صَلَّى الْإِمَامُ أَسْفَلَ وَالنَّاسُ فَوْقَ السَّقْفِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ إمَامُهُمْ قُدَّامَهُمْ.
قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ كَيْفَ يَجْمَعُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَمَامَهُمْ فَوْقَ السَّقْفِ؟
قَالَ: يُصَلِّي الَّذِينَ فَوْقَ السَّقْفِ بِإِمَامٍ وَاَلَّذِينَ أَسْفَلُ بِإِمَامٍ آخَرَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْقَوْمِ يَكُونُونَ فِي السُّفُنِ يُصَلِّي بَعْضُهُمْ بِصَلَاةِ بَعْضٍ وَإِمَامُهُمْ فِي إحْدَى السَّفَائِنِ وَهُمْ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ وَهُمْ فِي غَيْرِ سَفِينَتِهِ.
قَالَ: فَإِنْ كَانَتْ السُّفُنُ بَعْضُهَا قَرِيبَةً مِنْ بَعْضٍ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ دُورًا مَحْجُورًا عَلَيْهَا صَلَّى قَوْمٌ فِيهَا بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَصَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ إذَا كَانَ لِتِلْكَ الدُّورِ كُوًى أَوْ مَقَاصِيرُ يَرَوْنَ مِنْهَا مَا يَصْنَعُ النَّاسُ وَالْإِمَامُ، فَيَرْكَعُونَ بِرُكُوعِهِ وَيَسْجُدُونَ بِسُجُودِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا كُوًى وَلَا مَقَاصِيرُ يَرَوْنَ مِنْهَا مَا تَصْنَعُ النَّاسُ وَالْإِمَامُ إلَّا أَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ الْإِمَامَ فَيَرْكَعُونَ بِرُكُوعِهِ وَيَسْجُدُونَ بِسُجُودِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ.
قَالَ: وَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ النَّهْرِ الصَّغِيرِ يَكُونُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَبَيْنَ قَوْمٍ وَهُمْ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ؟
قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ النَّهْرُ صَغِيرًا.
قَالَ: وَإِذَا صَلَّى رَجُلٌ بِقَوْمٍ فَصَلَّى بِصَلَاةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ قَوْمٌ آخَرُونَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ذَلِكَ الْإِمَامِ طَرِيقٌ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
قَالَ: وَذَلِكَ أَنِّي سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقُلْتُ لَهُ: إنَّ أَصْحَابَ الْأَسْوَاقِ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ عِنْدَنَا فِي حَوَانِيتِهِمْ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
قَالَ سَحْنُونٌ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ يُصَلِّينَ فِي بُيُوتِهِنَّ بِصَلَاةِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ.
قال سَحْنُونٌ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَرَبِيعَةَ مِثْلَهُ، إلَّا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: مَا لَمْ تَكُنْ جُمُعَةٌ.
قال سَحْنُونٌ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَوْقَ ظَهْرِ الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَهُوَ أَسْفَلُ وَقَالَهُ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ.

.فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ هَؤُلَاءِ الْوُلَاةِ:

قُلْتُ: أَفَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ تُجْزِئُنَا الصَّلَاةُ خَلْفَ هَؤُلَاءِ الْوُلَاةِ وَالْجُمُعَةُ خَلْفَهُمْ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانُوا قَوْمًا خَوَارِجَ غَلَبُوا أَكَانَ مَالِكٌ يَأْمُرُ بِالصَّلَاةِ خَلْفَهُمْ وَالْجُمُعَةِ خَلْفَهُمْ؟
قَالَ: كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: إذَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِمَامَ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ فَلَا تُصَلِّ خَلْفَهُ وَلَا يُصَلَّى خَلْفَ أَحَدٍ مَنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ.
قُلْتُ: أَفَسَأَلْتُهُ عَنْ الْحَرُورِيَّةِ؟
قَالَ: مَا اخْتَلَفَ يَوْمئِذٍ عِنْدِي أَنَّ الْحَرُورِيَّةَ وَغَيْرَهُمْ سَوَاءٌ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ فَقُلْتُ لَهُ إنَّكَ إمَامُ الْعَامَّةِ وَقَدْ نَزَلَ بِكَ مَا تَرَى وَإِنَّهُ يُصَلِّي لَنَا إمَامُ فِتْنَةٍ وَإِنَّا نَتَحَرَّجُ مِنْ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ، فَقَالَ عُثْمَانُ: فَلَا تَفْعَلْ فَإِنَّ الصَّلَاةَ أَحْسَنُ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ فَأَحْسَنَ مَعَهُمْ وَإِذَا أَسَاءُوا فَاجْتَنِبْ إسَاءَتَهُمْ.

.(الصَّلَاةُ خَلْفَ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ):

الصَّلَاةُ خَلْفَ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ وَإِمَامَةُ الرَّجُلِ فِي دَارِهِ وَإِمَامَةُ مَنْ لَا يُحْسِنَ الْقُرْآنَ:
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: يَتَقَدَّمُ الْقَوْمَ أَعْلَمُهُمْ إذَا كَانَتْ حَالَتُهُ حَسَنَةً قَالَ وَإِنَّ لِلسِّنِّ حَقًّا.
قَالَ: قُلْتُ لَهُ فَاقْرَأْهُمْ؟
قَالَ: قَدْ يَقْرَأُ مَنْ لَا.
قَالَ: يُرِيدُ بِقَوْلِهِ مَنْ لَا: مَنْ لَا يُرْضَى حَالُهُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: يُقَالُ أَوْلَى بِمُقَدَّمِ الدَّابَّةِ صَاحِبُ الدَّابَّةِ وَأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ صَاحِبُ الدَّارِ إذَا صَلَّوْا فِي مَنْزِلِهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ فِي ذَلِكَ، وَرَأَيْتُهُ يَرَى ذَلِكَ الشَّأْنَ وَيَسْتَحْسِنُهُ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَمَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ صَلَّى وَهُوَ يُحْسِنُ الْقُرْآنَ خَلْفَ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْقُرْآنَ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا صَلَّى الْإِمَامُ بِقَوْمٍ فَتَرَكَ الْقِرَاءَةَ انْتَقَضَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ وَأَعَادُوا، وَإِنْ ذَهَبَ الْوَقْتُ قَالَ: فَذَلِكَ الَّذِي لَا يُحْسِنُ الْقُرْآنَ أَشَدُّ عِنْدِي مِنْ هَذَا لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَأْتَمَّ بِمَنْ لَا يُحْسِنُ الْقُرْآنَ.
قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْإِمَامِ الْقَدَرِيِّ؟
قَالَ: إنْ اسْتَيْقَنْتَ أَنَّهُ قَدَرِيٌّ فَلَا تُصَلِّ خَلْفَهُ.
قَالَ: قُلْتُ: وَلَا الْجُمُعَةَ؟
قَالَ: وَلَا الْجُمُعَةَ إنْ اسْتَيْقَنْتَ.
قَالَ: وَأَرَى إنْ كُنْتَ تَتَّقِيهِ وَتَخَافَهُ عَلَى نَفْسِكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَهُ وَتُعِيدَهَا ظُهْرًا قَالَ مَالِكٌ: فَأَهْلُ الْأَهْوَاءِ مِثْلُ أَهْلِ الْقَدَرِ.
قَالَ: وَرَأَيْتُ مَالِكًا إذَا قِيلَ لَهُ فِي إعَادَةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ أَهْلِ الْبِدَعِ يَقِفُ وَلَا يُجِيبُ فِي ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى فِي ذَلِكَ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ.
قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ صَلَّى خَلْفَ رَجُلٍ يَقْرَأُ بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ؟
قَالَ: يَخْرُجُ وَيَدَعُهُ وَلَا يَأْثَمُ بِهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُنْكَحُ أَهْلُ الْبِدَعِ وَلَا يُنْكَحُ إلَيْهِمْ وَلَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ وَلَا يُصَلَّى خَلْفَهُمْ وَلَا تُشْهَدُ جَنَائِزُهُمْ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ صَلَّى خَلْفَ رَجُلٍ يَقْرَأُ بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَلْيَخْرُجْ وَلْيَتْرُكْهُ.
قُلْتُ: فَهَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ إذَا صَلَّى خَلْفَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ قَالَ لَنَا يَخْرُجُ فَأَرَى أَنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ.

.(فِي الصَّلَاةُ خَلْفَ السَّكْرَانِ وَالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالْأَعْمَى):

فِي الصَّلَاةُ خَلْفَ السَّكْرَانِ وَالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالْأَعْمَى وَالْإِمَامِ يُصَلِّيَ بِغَيْرِ رِدَاءٍ:
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَؤُمُّ السَّكْرَانُ وَمَنْ صَلَّى خَلْفَهُ أَعَادَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَؤُمُّ الصَّبِيُّ فِي النَّافِلَةِ لَا الرِّجَالَ وَلَا النِّسَاءَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا تَؤُمُّ الْمَرْأَةُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْأَعْرَابِيِّ: لَا يَؤُمُّ الْمُسَافِرِينَ وَلَا الْحَضَرِيِّينَ وَإِنْ كَانَ أَقْرَأَهُمْ.
قَالَ وَكِيعٌ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ صَبِيحٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ وَمَعَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأُنَاسٌ مِنْ وُجُوهِ الْفُقَهَاءِ فَمَرَرْنَا بِأَهْلِ مَاءٍ فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَأَذَّنَ أَعْرَابِيٌّ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ.
قَالَ: فَتَقَدَّمَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ.
قَالَ: مَنْ كَانَ هَهُنَا مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَلْيُتْمِمْ الصَّلَاةَ وَكَرِهَ أَنْ يُؤَمَّ الْأَعْرَابِيُّ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَكُونُ الْعَبْدُ إمَامًا فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ وَلَا مَسَاجِدِ الْعَشَائِرِ وَلَا الْأَعْيَادِ.
قَالَ: وَلَا يُصَلِّي الْعَبْدُ بِالْقَوْمِ الْجُمُعَةَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ فَعَلَ أَعَادَ وَأَعَادُوا لِأَنَّ الْعَبِيدَ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَؤُمَّ الْعَبْدُ فِي السَّفَرِ إذَا كَانَ أَقْرَأَهُمْ أَنْ يُؤَمَّ قَوْمًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُتَّخَذَ إمَامًا رَاتِبًا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: أَكْرَهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدُ الزِّنَا إمَامًا رَاتِبًا.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُؤَمَّ الْعَبْدُ فِي رَمَضَانَ النَّافِلَةَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: أَكْرَهُ أَنْ يُؤَمَّ الْخَصِيُّ بِالنَّاسِ فَيَكُونَ إمَامًا رَاتِبًا.
قَالَ: وَكَانَ عَلَى طَرَسُوسَ خَصِيٌّ فَاسْتَخْلَفَ عَلَى النَّاسِ مِنْ يُصَلِّي بِهِمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ مَالِكًا فَأَعْجَبَهُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُتَّخَذَ الْأَعْمَى إمَامًا رَاتِبًا وَقَدْ أَمَّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْمَى وَهُوَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: أَوْلَاهُمْ بِالْإِمَامَةِ أَفْضَلُهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ إذَا كَانَ هُوَ أَفْقَهَهُمْ قَالَ: وَلِلسِّنِّ حَقٌّ، فَقِيلَ لَهُ فَأَكْثَرُهُمْ قُرْآنًا؟ قَالَ قَدْ يَقْرَأُ مَنْ لَا، أَيْ مَنْ لَا يَكُونُ فِيهِ خَيْرٌ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: أَكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَ بِغَيْرِ رِدَاءٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامَ قَوْمٍ فِي سَفَرٍ أَوْ رَجُلًا أَمَّ قَوْمًا فِي صَلَاةِ فِي مَوْضِعٍ اجْتَمَعُوا فِيهِ أَوْ فِي دَارِهِ، فَأَمَّا إمَامُ مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ أَوْ مَسَاجِدِ الْقَبَائِلِ فَأَكْرَهُ ذَلِكَ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَوْ جَعَلَ عِمَامَةً عَلَى عَاتِقِهِ إذَا كَانَ مُسَافِرًا أَوْ صَلَّى فِي دَارِهِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ صَالِحٍ يَذْكُرُ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَلْيَؤُمَّهُمْ أَفْقَهُهُمْ» قَالَ: فَذَلِكَ أَمِيرٌ أَمَرَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَدْ كَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ يَؤُمُّ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ وَأَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَبُو سَلَمَةَ وَزَيْدٌ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ مَالِكٌ: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَهْلُ الصَّلَاحِ وَالْفَضْلِ مِنْهُمْ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَؤُمَّ الْغُلَامُ حَتَّى يَحْتَلِمَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مَوْلًى لِبَنِي هَاشِمٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَؤُمُّ الْمَرْأَةُ.
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: لَا تَؤُمُّ فِي الْفَرِيضَةِ وَقَالَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَابْنُ شِهَابٍ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: لَا يُؤَمُّ مَنْ لَمْ يَحْتَلِمْ وَقَالَهُ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: إنَّ رَجُلًا كَانَ لَا يَعْرِفُ وَلَدَهُ كَانَ يَؤُمُّ قَوْمًا بِالْعَقِيقِ فَنَهَاهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
قَالَ وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَ يَؤُمُّهَا مُدَبَّرٌ لَهَا يُقَالُ لَهُ ذَكْوَانُ أَبُو عَمْرٍو.

.الصَّلَاةُ بِالْإِمَامَةِ بِالرَّجُلِ الْوَاحِدِ أَوْ الِاثْنَيْنِ:

قُلْتُ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الرَّجُلِ يُصَلِّي الظُّهْرَ لِنَفْسِهِ فَيَأْتِي رَجُلٌ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ وَالرَّجُلُ الْأَوَّلُ لَا يَنْوِي أَنْ يَكُونَ لَهُ إمَامًا هَلْ تُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ؟
قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ رَأَى صَلَاتَهُ تَامَّةً إذَا قَامَ عَنْ يَمِينِهِ يَأْتَمُّ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ لَا يَعْلَمُ بِهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا صَلَّى الظُّهْرَ وَحْدَهُ فَأَتَى رَجُلٌ فَقَامَ عَنْ يَمِينِهِ يَأْتَمُّ بِهِ؟
قَالَ: صَلَاتُهُ مُجْزِئَةٌ تَامَّةٌ.
قُلْتُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ هَذَا أَنْ يَكُونَ إمَامًا لِصَاحِبِهِ؟
قَالَ: ذَلِكَ مُجْزِئٌ عَنْهُ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِي رَجُلَيْنِ وَغُلَامٍ صَلَّوْا قَالَ: يَقُومُ الْإِمَامُ أَمَامَهُمَا وَيَقُومُ الرَّجُلُ وَالصَّبِيُّ وَرَاءَهُ إذَا كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ الصَّلَاةَ لَا يَذْهَبُ وَيَتْرُكُهُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانُوا ثَلَاثَةَ نَفَرٍ فَصَلَّوْا تَقَدَّمَهُمْ إمَامُهُمْ وَإِنْ كَانَا رَجُلَيْنِ قَامَ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ، وَإِنْ كَانَا رَجُلَيْنِ وَامْرَأَةً صَلَّى أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ وَقَامَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ وَرَائِهِمَا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِي رَجُلَيْنِ صَلَّيَا فَقَامَ الَّذِي لَيْسَ بِإِمَامٍ عَنْ يَسَارِ الْإِمَامِ.
قَالَ: إنْ عَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ أَدَارَهُ إلَى يَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ حَتَّى فَرَغَ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ، قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَيْنَ يُدِيرُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ أَمْ مِنْ خَلْفِهِ؟
قَالَ: مِنْ خَلْفِهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ سَاجِدًا وَقَدْ سَجَدَ الْإِمَامُ سَجْدَةً وَهُوَ فِي السَّجْدَةِ الْأُخْرَى.
قَالَ: يُكَبِّرُ وَيَسْجُدُ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ إلَّا سَجْدَةً وَاحِدَةً فَلَا يَقِفُ يَنْتَظِرُ حَتَّى يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ سُجُودِهِ وَلَا يَسْجُدُ مَا فَاتَهُ بِهِ الْإِمَامُ وَلَا يَقْضِيهِ.
قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يُصَلِّيَ بِامْرَأَتِهِ الْمَكْتُوبَةَ فِي بَيْتِهِ؟
قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
قُلْتُ: فَأَيْنَ تَكُونُ؟
قَالَ: خَلْفَهُ.

.(فِي إعَادَةِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ):

فِي إعَادَةِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ وَمَنْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ لِنَفْسِهِ فَسَمِعَ إقَامَةَ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ:
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ حِينَ كَانَتْ بَنُو أُمَيَّةَ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ فَيُصَلِّي مَعَهُمْ فَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: أُصَلِّي مَرَّتَيْنِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ لَا أُصَلِّيَ شَيْئًا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا جَاءَ الرَّجُلُ الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّى وَحْدَهُ فِي بَيْتِهِ فَلْيُصَلِّ مَعَ النَّاسِ إلَّا الْمَغْرِبَ، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ قَدْ صَلَّاهَا ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَأَقَامَ الْمُؤَذِّنُ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ فَلْيَخْرُجْ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ فَصَلَّى مَعَ الْإِمَامِ الْمَغْرِبَ ثَانِيَةً؟
قَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَشْفَعَ صَلَاتَهُ الْآخِرَةَ بِرَكْعَةٍ وَتَكُونُ الْأُولَى الَّتِي صَلَّى فِي بَيْتِهِ صَلَاتَهُ، وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَيُّ شَيْءٍ يَقُولُ مَالِكٌ فِي الصُّبْحِ إذَا صَلَّاهَا فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَدْرَكَهَا مَعَ الْإِمَامِ أَيُعِيدُهَا؟
قَالَ: نَعَمْ وَهُوَ قَوْلُهُ يُعِيدُ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا إلَّا الْمَغْرِبَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: كُلُّ مَنْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ أَعَادَ إلَّا الْمَغْرِبَ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ هُوَ مَرَّ بِالْمَسْجِدِ فَسَمِعَ الْإِقَامَةَ وَقَدْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ أَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ أَمْ لَا؟ قَالَ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِوَاجِبٍ إلَّا أَنْ يَشَاءَ.
قُلْتُ: أَلَيْسَ هُوَ قَوْلَ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَافْتَتَحَ الظُّهْرَ فَلَمَّا صَلَّى مِنْ الظُّهْرِ رَكْعَةً أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الظُّهْرُ؟
قَالَ: يُضِيفُ إلَيْهَا رَكْعَةً ثُمَّ يُسَلِّمُ وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ؟
قَالَ: يُضِيفُ إلَيْهَا رَابِعَةً ثُمَّ يُسَلِّمُ وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ.
قُلْتُ: أَفَتُجْعِلُ الْأُولَى نَافِلَةً؟
قَالَ: لَا وَلَكِنْ قَدْ صَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا ثُمَّ دَخَلَ فِي الْجَمَاعَةِ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ حِينَ افْتَتَحَ الظُّهْرَ وَلَمْ يَرْكَعْ مِنْهَا رَكْعَةً؟
قَالَ: يَقْطَعُ وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَافْتَتَحَ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ؟
قَالَ: يَقْطَعُ وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى رَكْعَةً؟
قَالَ: يَقْطَعُ وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ؟
قَالَ: يُتِمُّ الثَّالِثَةَ وَيَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَا يُصَلِّي مَعَ الْقَوْمِ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ؟
قَالَ: يُسَلِّمُ وَيَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَا يُصَلِّي مَعَ الْقَوْمِ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ مَنْ قَطَعَ صَلَاتَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ مِمَّنْ قَدْ أَمَرْتَهُ أَنْ يَقْطَعَ صَلَاتَهُ، مِثْلُ الرَّجُلِ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ فَتُقَامُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ أَيَقْطَعُ بِتَسْلِيمٍ أَمْ بِغَيْرِ تَسْلِيمٍ؟
قَالَ: يَقْطَعُ بِتَسْلِيمٍ عِنْدَ مَالِكٍ.
قَالَ: وَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ رَجُلٍ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَحْدَهُ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَسَمِعَهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُدْرِكُهَا؟
قَالَ: يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ وَلَا يَقْطَعُ صَلَاتَهُ بَعْدَمَا دَخَلَ فِيهَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ صَلَّى رَجُلٌ وَحْدَهُ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا يَتَقَدَّمُهُمْ لِأَنَّهُ قَدْ صَلَّاهَا فِي بَيْتِهِ وَلْيُصَلِّ مَعَهُمْ وَلَا يَتَقَدَّمُهُمْ.
قَالَ: فَإِنْ فَعَلَ أَعَادَ مَنْ خَلْفَهُ صَلَاتَهُمْ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَّتَهُمَا صَلَاتُهُ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ إلَى اللَّهِ يَجْعَلُ أَيَّتَهُمَا شَاءَ صَلَاتَهُ فَكَيْفَ تُجْزِئُهُمْ صَلَاةُ رَجُلٍ لَا يَدْرِي أَهِيَ صَلَاتُهُ أَمْ لَا وَلِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ حَدِيثٌ آخَرُ أَنَّ الْأُولَى هِيَ صَلَاتُهُ وَأَنَّ الْآخِرَةَ هِيَ نَافِلَةٌ فَكَيْفَ يَعْتَدُّونَ بِصَلَاةِ رَجُلٍ هِيَ لَهُ نَافِلَةٌ.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيِّ قَالَ: لَا أَعْلَمُ أَنَّ إبْرَاهِيمَ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ حَدَّثَهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَيَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ يُضَيِّعُونَ الصَّلَوَاتِ وَيَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ فَإِنْ صَلَّوْا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَصَلُّوا مَعَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُصَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ نَافِلَةً».
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي ذَرٍّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَدْرَكَهَا مَعَ الْإِمَامِ فَلَا يُعِدْ لَهَا غَيْرَ مَا صَلَّاهَا.

.تَرَكَ إعَادَةِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: كُلُّ مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إلَّا وَاحِدَةٌ فَلَا يُعِدْ تِلْكَ الصَّلَاةَ فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ يُصَلِّي يَجْمَعُ الصَّلَاةَ هُوَ وَآخَرُ مَعَهُ فِي فَرِيضَةٍ.
قَالَ: لَا يُعِيدُ صَلَاتَهُ تِلْكَ فِي جَمَاعَةٍ وَلَا غَيْرَهَا لَا هُوَ وَلَا صَاحِبُهُ.
قَالَ: وَإِنْ أُقِيمَتْ صَلَاةٌ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ صَلَّاهَا هُوَ وَآخَرُ جَمَاعَةً أَوْ مَعَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُعِدْ وَلْيَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ.
قال سَحْنُونٌ: لِأَنَّ الْحَدِيثَ إنَّمَا جَاءَ فِيمَنْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ وَحْدَهُ ثُمَّ أَدْرَكَهَا فِي جَمَاعَةٍ، وَحَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِحْجَنٍ الثَّقَفِيِّ إنَّمَا صَلَّى فِي أَهْلِهِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعِيدَ فِي جَمَاعَةٍ.

.فِي الْمَسْجِدِ تُجْمَعُ الصَّلَاةُ فِيهِ مَرَّتَيْنِ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي مَسْجِدٍ عَلَى طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ لَيْسَ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ، أَتَى قَوْمٌ فَجَمَعُوا فِيهِ الصَّلَاةَ مُسَافِرِينَ أَوْ غَيْرَهُمْ ثُمَّ أَتَى قَوْمٌ مِنْ بَعْدِهِمْ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَجْمَعُوا فِيهِ أَيْضًا وَإِنْ أَتَى كَذَلِكَ عَدَدٌ مِمَّنْ يَجْمَعُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْتَ مَسْجِدًا لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ إنْ مَرَّ بِهِ قَوْمٌ فَجَمَعُوا فِيهِ صَلَاةً مَنْ الصَّلَوَاتِ أَلِلْإِمَامِ أَنْ يُعِيدَ تِلْكَ الصَّلَاةَ فِيهِ بِجَمَاعَةٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَقَدْ بَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ.
قُلْتُ: فَلَوْ كَانَ رَجُلٌ هُوَ إمَامُ مَسْجِدِ قَوْمٍ وَمُؤَذِّنُهُمْ أَذَّنَ وَأَقَامَ فَلَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ فَصَلَّى وَحْدَهُ ثُمَّ أَتَى أَهْلُ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ الَّذِينَ كَانُوا يُصَلُّونَ فِيهِ؟
قَالَ: فَلْيُصَلُّوا أَفْذَاذًا وَلَا يَجْمَعُونَ لِأَنَّ إمَامَهُمْ قَدْ أَذَّنَ وَصَلَّى.
قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَتَى هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي أَذَّنَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ وَصَلَّى وَحْدَهُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ فَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ فِيهِ الصَّلَاةُ أَيُعِيدُ مَعَ الْجَمَاعَةِ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا أَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَكِنْ لَا يُعِيدُ لِأَنَّ مَالِكًا قَدْ جَعَلَهُ وَحْدَهُ جَمَاعَةً.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا أَتَى الرَّجُلُ الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّى أَهْلُهُ فَطَمَعَ أَنْ يُدْرِكَ جَمَاعَةً مِنْ النَّاسِ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ وَغَيْرِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى تِلْكَ الْجَمَاعَةِ قَالَ: وَإِذَا أَتَى قَوْمٌ وَقَدْ صَلَّى أَهْلُ الْمَسْجِدِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ الْمَسْجِدِ فَيَجْمَعُوا وَهُمْ جَمَاعَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوْ مَسْجِدَ الرَّسُولِ فَلَا يَخْرُجُونَ، وَلْيُصَلُّوا وُحْدَانًا لِأَنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوْ مَسْجِدَ الرَّسُولِ أَعْظَمُ أَجْرًا لَهُمْ مِنْ صَلَاتِهِمْ فِي الْجَمَاعَةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى مَسْجِدَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ مِثْلَهُ.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُجَبَّرِ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَسْجِدَ الْجُحْفَةِ وَقَدْ فَرَغُوا مِنْ الصَّلَاةِ فَقَالُوا: أَلَا تَجْمَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ سَالِمٌ: لَا تُجْمَعُ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةَ وَاللَّيْثِ مِثْلَهُ.